اللغة الكوردية
تندرج اللغة الكوردية ضمن مجموعة اللغات الإيرانية التي تمثل فرعا من أسرة اللغات الهندو_أوروبية. لذا فهي تمت بصلة القرابة إلى الفروع الشرقية للغات الهندوأوروبية مثل الفارسية والهندية، وإلى الفروع الغربية من العائلة كاللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وتضم اللغة الكوردية ألفاظا كثيرة من العربية والفارسية وبعض المفردات التركية، وتنقسم إلى لهجتين رئيسيتين هما الكرمانجية والبهلوانية، ويتفرع منهما العديد من اللهجات المحلية تصل الآن إلى 18 لهجة مختلفة. إذ تنقسم الكرمانجية إلى الكرمانجية الشمالية، أو البهدينانية، والكرمانجية الجنوبية، أو السورانية، وتنقسم البهدينانية إلى الكوراني (الجوراني) والزازا، أو الديميلي. وتتفرع عن اللهجات الأربع الأخيرة عشرات اللهجات التي يسود كل منها في منطقة أو قبيلة أو قرية.
وككل اللغات الهندوأوروبية، فقد سبقت تلك العائلة لغات أخرى، فقد كانت تعيش في كوردستان شعوب أخرى إلى أن حصلت هجرة الشعوب الهندوأوروبية مطلع الألف الثانية قبل الميلاد. ومن الشعوب السابقة لها كان هناك الكوتيون Guti واللوللو Lullu والحوريون والكاشيون.. وغيرهم.
ويتكلم الكرد في تركيا وسوريا وقسم منهم في كل من إيران والعراق باللهجة البهدينانية، في حين يتكلم معظم الكورد في العراق وإيران اللهجة السورانية.(1)
اللهجات الرئيسية للغة الكوردية:
ان اللغة الكوردية غنية بلهجاتها الثلاث الرئيسية المعروفة، هي
1ـ الكورمانجية الشمالية: ويتحدث بها جميع الاكراد في تركيا,أرمينيا,أذربيجان, سورية ،والمناطق التي يسكنها البهدينان في كوردستان العراق، كما يتكلم بها أكراد أذربيجان الشمالي والغربي، وأكراد قوجان وبجنورد في ولاية خراسان الإيرانية.
2ـ اللهجة الكرمانجية الجنوبية (ويطلق عليها أحياناً السورانية): ويتكلم بها كورد العراق في محافظات أربيل والسليمانية وكركوك، وفي كردستان إيران في المناطق التي تقع إلى الجنوب والجنوب الشرقي من بحيرة أورميا حتى تصل إلى حدود ولايتي لورستان وبختياري في الجنوب.
ان اللهجة الكرمانجية الجنوبية لها ثلاث فروع، وهي:
أـ البابانية والسورانية، وتنتشران في المحافظات:أربيل، السليمانية، وكركوك. والموكرية والأردلانية في كردستان الإيرانية…. .
ب ـ الهورامانية والكورانية: فالهورامانية تنتشر في مناطق هورامان الجبلية الواقعة بين مريوان وسيروان قرب الحدود العراقية ـ الإيرانية. أما الكورانية فيتكلم بها أبناء الكوران ، وهي فرقة باطنية. والكوران تقع مناطقهم قرب طريق خانقين ـ كرمنشاه في كردستان الإيرانية.
ج ـ لهجات اللور والبختياري ، ويتكلم بها أبناء لورستان الكبرى والصغرى، وهم الكورد الفيليين.
3ـ اللهجة الشمالية الغربية، ويتكلم بها أبناء قبائل دولي أو الزازا وتنتشر الزازائية في مناطق درسيم، بالو، كنج، جبقجور، معدن، بيران، أكيل، سيويرك، بيجار، وجيرموك.
كما ان اللغة الكوردية كانت قبل الاسلام تكتب بالف باء الاقوام الاخرى المجاورة كالفارسية مثلا. الا انه و بعد مجئ الاسلام بدأ ادباء الكورد يكتبون بالاحرف العربية حتى ان معظمهم كانوا يؤلفون باللغة العربية لأنها لغة القرأن الكريم و الدين الاسلامي الحنيف, الى ان جاء جلادت امين عالي بدرخان ووضع الابجدية الكوردية باستبدال الاحرف العربية بالاتينية. و الادب الكوردي بدأ يأخذ بأستقلاليته بشكل ملحوظ في العصر الحديث ,حيث انه تأثر و بشكل ملحوظ بالادب العربي في الماضي لان المساجد وحدها كانت مكان التعليم حيث كفّر الملالي كل من دعا الى السبيل العلمي.(2)
عوامل تنوع اللهجات الكوردية:
اللغة الكوردية أصبحت ذات لهجات متنوعة، باعتبار عاملين رئيسيين:
1ـ العامل الجغرافي: طبيعة المناطق الكوردية، ذات جبال وهضبات كثيرة، بحيث يصعب الانتقال بين أطرافها، فأدت إلى نشوء هذه اللهجات مع الالتزام بالأصول الكلية للغة الكوردية.
2ـ العامل السياسي: عدم وجود كيان مستقل للكورد بحيث يجمع شملهم ويوحد لهجاتهم أو عدم وجود الحرية في مناطقها حتى من التحدث باللغة الكوردية، وفي بعض الأجزاء كان الكوردي يعاقب إذا تكلم باللغة الكوردية.(3)
بعد إنتفاضة 1991 المجيدة وتشكيل حكومة في جزء الشمالي من كوردستان العراق بدأت اللهجات الكوردية وخاصة السورانية والكرمانجية بالتحسن وذلك بتجدد روح النشاط والوعي الثقافي فى كل مجالات الأعلام الكوردي وتحرر هذه البقعة من أرض كوردستان من التسلط البعثي الشوفيني في تعريب مناطق كوردستان وكان من أخطر وسائل التعريب بعد تعريب الأرض هو تعريب الأدمغة الكوردية للطبقة المثقفة مما تركت بصمات واضحة على اللغة الكوردية وتدهورها لولا مشيئة الأقدار التي غيرت المسار الكوردي نحو إتجاهها الصحيح بعد حرب خليج والقفزة النوعية في هذا التغير الأيجابي جاءت بعد سقوط نظام البعث لأنه كان ينوي هدم كل ما له صلة بالشعب الكوردي وتذويبه في المحلول العروبجي وتحويله إلى أمة ذليلة لا صلة لها بالأمة الكوردية .
فشاءت الأقدار أن يكون ذلك التفاعل ذو مردود عكسي فذوبت أصالة وإرادة الشعب الكوردي هذا المحلول البائس الذي صنعه ميشيل عفلق وأيتامه فضاع المشروع العربي القومجي في العراق وإلى الأبد بسواعد الخيرين من أبناء الجنوب وكوردستان,
فعادت المدارس الكوردية تأخذ دورها في العطاء وبلا رقابة السلطة الجائرة هذه المرة وإستطاعت اللغة الكوردية أن تتنفس الصعداء وتعيد أمجادها كما سطرتها في أشعار زرادشت وترانيمه في آويستا أو آفيستا وفي أشعار ولي ديوانه ،ملا جزيري ،أحمدي خاني إلى كوران ،نالي وهيمن وغيرهم فأصبح الأعلام الكوردي يعم كل أرض كوردسان الصغرى حتى الكبرى.
صحيح أن اللغة الكوردية تجاوزت أزماتها مع سلاطين بغداد كل هذه الحقبة من تأريخها إلا أنه ليس بيسير إزالة الشوائب التي تعلقت بها بهذه السهولة وهذا العمل هو من إختصاص الأكادميين في اللغة والأدباء في المحافظة عن نقاء اللغة الكوردية ودرأ الشوائب عنها إن كانت هذه الشوائب في المرادفات أو التعابير أو قواعد اللغة أو الفونوتيك أو النطق الصحيح وسوف أركز في هذه المقالة على النقطة الأخيرة .(4)