بواكير الحركة السياسية الكوردية في سوريا: المنفى، جمعية خويبون، اختراع “غرب كوردستان”
لم تشهد الساحة السورية قبيل سنة 1956 م أي بوادر تنظيمية كردية تحمل تطلعات سياسية ذات توجهات قومية داخل سوريا، وقد اقتصر النشاط القومي الوحيد قبل الاستقلال عن فرنسا على نخبة من اللاجئين السي اسيين الأكراد في سوريا، وكان موجها بالأساس لحركة النضال إلى خارج سوريا، كما ترافق مع إنشاء مراكز سياسية وثقافية كردية بارزة في دمشق وبيروت.[1]
كان الإنجاز الأهم لتلك الطبقة السياسية والنخبوية من الأكراد هو تأسيس منظمة الاستقلال الكرديّة تحت اسم (خويبون)، التي نجحت في عقد مؤتمرها الأول في 7 تشرين الأول سنة 1927م في منطقة بحمدون اللبنانية،[2] وكان غرضها الأساسي من هذا الاجتماع هو صياغة لغة قومية مشتركة للكفاح ضدَّ النظام التركي الكمالي،[3] وإدارة النشاطات الكردية ضدَّ الترك،[4] والسعي الى استقلال كردستان من نير الأتراك.[5]
ينقسم هذا البحث إلى قسمين رئيسيين نستعرض من خلالهما مايلي:
الأول: مرحلة ثورة الشيخ سعيد بيران الكردي ضدَّ الاتراك عام 1925م.
الثاني: مرحلة تأسيس جمعية خويبون الكردية في سوريا، ودورها في بناء الوعي القومي الكردي.
ثورة الشيخ سعيد الكردي 1925
شكلت ثورة الشيخ سعيد الكردي[6] ضدَّ الكماليين سنة 1925م نقطة تحوّل أساسية في التاريخ الحديث للأكراد، وذلك على الرغم من انطلاقتها تحت شعارات دينية بداعي الحفاظ على الشريعة، واتهام السلطات الكمالية بمحاولات القضاء على الإسلام. إلا أن الأحداث التي تلت ثورة الشيخ سعيد، وانتهت باعدامه، كانت بمثابة الحدث الذي استطاعت بعض النخب الثقافية الكردية توظيفه من أجل تعزيز مفهوم التضحية في سبيل القضية القومية الكردية، انطلاقا من أن التضحية هي الآلية المركزية التي تضمن تحديد هوية الأمة المتخيّلة. إضافة الى أن استمرار ضمان إعادة التذكير والاحتفال بذكرى الشهيد الأول (سعيد بيران)، عند أولئك الذين يعيشون القضية، كان بمثابة الحدث القادر دوما إلى إعادة التأكيد على حقيقة الجماعة المتخيلة الكردية في مواجهة قتلتها (الأعداء الذين يمكن دائماً، إن دعت الحاجة التعرف على ذراريهم)[7].
يصف برونسن حركة الشيخ سعيد بوصفها كانت جزءاً من الحركات الصوفية الجهادية المعادية للاستعمار، والتي استُعملتْ كوعاء لاحتواء المقاومة وتوجيهها ضدَّ العدو المغتصِب للحقوق، ولذلك غالبا ما تمت مقارنة هذه الحركة، التي استخدمت الطريقة النقشبندية في حركتها، وبين الحركة السنوسية في ليبيا.[8] كذلك يعطي عبد الملك فرات حفيد الشيخ سعيد تصوراً مشابهاً عن حركة جده فيقول: “إن حركة جدي كانت شبيهة بالحركات الإسلامية المناوئة للاستعمار كالحركة السنوسية في ليبيا، والحركة المهدية في السودان، وحركة الخلافة في الهند، لكن الفرق بين هذه الحركات وحركة الشيخ سعيد أفندي، أن الأولى كانت موجهة ضد الاستعمار المباشر، في حين كانت حركة الشيخ سعيد موجهة ضد الاستعمار الجديد التركي، والذي تُجسده حكومة مصطفى كمال اللادينية الغربية”[9].
مجموعة من مقاتلي العشائر الكردية
عبّر الشيخ سعيد عن توجهه في خطبته التي ألقاها في قرية بيران في بداية الانتفاضة في 13 آذار 1925 وجاء فيها: “إن حكومة أنقرة ألغت المدارس الإسلامية، والإدارات والمؤسسات المتعلّقة بالإسلام، وخاصة الأوقاف، وربطت تلك المدارس بالمدارس القومية الحديثة، وفي هذه الأيام بدأ بعض الملحدين يطاولون اللسان على الدين والرسول الكريم، فإني سأبدأ الجهاد، إذا استطعت، ولن أدّخر جهداً في هذا، إن شاء الله”.[10]
في حين يشير تقرير استخباراتي فرنسي صادر في 25 شباط 1925م إلى ثورة الشيخ سعيد التي جاءت وفق تقدير كاتبه للمطالبة بما منحتهم إياه اتفاقية سيفر، ومما جاء فيه: “هؤلاء الأكراد المحرّضون من قبل الشيخ سعيد، مستثمرين المشاعر الدينية العميقة لجمهور جاهل، يطالبون من جديد بالاستقلال الذي كان قد منحتهم إياه اتفاقية سيفر”[11]. إن الأحداث التي أعقبت ثورة الشيخ سعيد سنة 1925م كانت مأساوية، خاصة بعد عصيان عشائر قوجان، وبعد العصيان المسلح أيضاً في جبال آغري عام 1926م والذي شاركت به عشائر جلالي وحسنانلي وحيرانلي تحت قيادة برخو الجلالي مطالبين بعودة كافة المهجرين الأكراد إلى ديارهم.[12] إذ نجحت القوات التركية في القضاء على الثورة كما تشير نشرة خويبون المنشورة سنة 1930م،[13] وجاء فيها: “أن القوات التركية دفعت بالثوّار للاعتصام برؤوس الجبال، كما أجبرت آخرين على أن يلجأوا إلى البلاد الإيرانية والعراقية والسورية”[14]. يشير أرشاك سافرستيان الذي عاصر تلك الأحداث إلى التدفق الكردي الكبير من تركيا إلى سوريا آنذاك، واستقرارهم هناك، ولا سيما في الزاوية الشمالية الشرقية المتاخمة للحدود العراقية التركية.[15] وبهذا بات آلاف الأكراد النازحين من تركيا يعيشون داخل الأراضي السورية تحت سلطة الفرنسيين، والتي شجعت عملية استقبال المزيد من النازحين للإقامة في الجزيرة.[16] وبحسب التقارير الفرنسية فقد ارتفع عدد القرى الكردية في المنطقة من 45 قرية سنة 1927م إلى نحو 700 عام 1939م.[17]
وفي ظل تلك الظروف تأسست (الجمعية الخيرية للكرد المشردين) في مدينة الحسكة سنة 1932م برعاية خويبون، وكان هدفها مد يد المساعدة للمُبعدين والمهجرين الكرد من تركيا بعد فشل الحركات الكردية فيها.[18]
حركة خويبون 1927- 1946
إن ممارسات الحكومة التركية بعد فشل ثورة الشيخ سعيد الكردي كانت قد طالت بطبيعة الحال جميع أعضاء الجمعيات والمنظمات السياسية الكردية الذين كانوا يمثلون الطبقة المثقفة، كما طالت العديد من زعماء العشائر والشخصيات الاجتماعية المؤثرة، واضطرار هؤلاء إلى اللجوء إلى سوريا والعراق.[19] وقد عمل هؤلاء على محاولة جمع شتاتهم لقيادة نضال كردي جديد، والعمل على تأسيس تنظيم سياسي كردي، و إجراء اتصالات مع شخصيات وقوى خارج المجال الكردي، كالأرمن الذين كانوا مناوئين للأتراك أيضاً، وقد ساهم ممدوح سليم في إجراء اتصالات معهم ساعدت على تأمين دعم مالي ومعنوي للتنظيم الكردي الجديد،[20] الذي أطلق عليه خويبون، وهي تسمية كردية يقابلها بالعربية ( كُن أنت نفسك).
كان تركيب حركة خويبون متناقضاً من حيث وجود أقلية متعلمة قومية ميسورة كأبناء عائلة بدرخان، وآل جميل باشا وغيرهم من المعارضين القادمين من اسطنبول، وبعض الرجال العسكريين كإحسان نوري، إضافة إلى آغوات وشيوخ عشائر كان من الصعب إقناعهم بالتخلي عن طموحهم بالزعامات المحلية واستبدال الولاء القبلي بالولاء القومي،[21] كما واجهتهم أيضاً صعوبات في بادئ الأمر لايجاد صيغة لتمرير التحالف الاستراتيجي مع الطاشناق الأرمني “المسيحيين”، أمام آغوات الأكراد الذي نظروا إليهم في تلك المرحلة كأعداء لدودين وخونة.[22]
انْصبَّت جهود خويبون بشكل خاص على الكرد اللاجئين إلى سوريا ومن أصل تركي (على حد تعبير البرفيسور جوردي غورغس)[23]، اعتقاداً بأنهم الأكثر تأثراً بالخطابات المعادية للكمالية، وكانت النتائج بالفعل مشجعة كما يشير جوردي[24] في الشمال السوري خاصة بعد وصول لاجئين جدد سنة 1929م، الذي أعطى بدوره زخماً للحركة القومية الكردية.[25]
وتوضح مقررات المؤتمر التأسيسي لأول حركة سياسية كردية منظمة، أن الحركة كانت تدعو للنضال ضمن إطار وجغرافية تركيا الحالية فقط، ومما جاء في المقررات:[26]
إدامة الثورة والنضال ضدّ الترك، إلى أن يغادر آخر جندي تركي الأراضي الكردية الطاهرة.
تأسيس علاقات أخوية دائمة مع الحكومة الإيرانية والشعب الفارسي الشقيق.
تأسيس العلاقات الأخوية والحبية الدائمة، مع حكومتي العراق وسوريا، والاكتفاء بالحقوق التي خولتها صكوك الانتداب، وعدم مطالبة حكوميتهما بأي حق سياسي آخر.
الرعيل الأول في منظمة خويبون ونشاطاته:
لا تزال التقارير التي تتحدث عن أسماء مؤسسي خويبون متضاربة، لكن هناك أسماء مشتركة أو شبه مجمع عليها عمّن حضر المؤتمر التأسيسي، وهم : (جلادت بدرخان، فاهان بابازيان، ممدوح سليم وانلي، د. شكري سكفان، فهمي لجي، حاجو آغا، كامل أفندي[27]، كريم أفندي، أمين أحمد بريخان، بدر الدين آغا، بوزان شاهين بك، مصطفى شاهين بك، ملا أحمد شوزي[28]، فقه عبد الله جزري).[29]، وقد نقل بعض المثقفين الكرد كصلاح بدر الدين معلومات خاطئة بخصوص أسماء من حضروا المؤتمر، فذكر في لائحته اسماء مثل (قدري بك جميل باشا، وأكرم بك جميل باشا، وعثمان صبري، والدكتور نافذ، وعارف عباس، وشوكت زلفي)، وهؤلاء جميعاً جاؤوا إلى سوريا بعد تأسيس خويبون بفترات متفرقة، وبعضهم لم يحضر إلى سوريا أصلاً، كما ورد في تاريخ كتاباتهم.[30]
اتجهت خويبون إلى الانخراط في العمل العسكري في آب 1930، بيد أن ذلك الخيار لم يكن مدروساً بالشكل الكافي، فمنيت بفشل كبير. كما أظهر هذا الخيار هشاشة نقص في وحدة العمل الكردي وخوار زعماء القبائل الكردية وفق تعبير بيير روندو الذي ينقله غورغاس،[31] فحاجو آغا تردد في اقتحام مدينة ميديات وتساءل عن ردة فعل الفرنسيين، وعبر عن هواجسه في شأن مستقبل قبيلته وفي شأن وضعه كوجيه في الجزيرة العليا،[32] وكذلك لم تقدم القوى التي كان يقودها أبناء شاهين بك وأبناء ابراهيم باشا الملي على المشاركة، وذلك لأسباب تتعلق بالمصالح والامتيازات التي اكتسبوها في ظل الحماية الفرنسية. [33]
ربما تلك الأسباب ذاتها دفعت أوصمان صبري إلى أن يكشف في مذكراته عن استياءه البالغ من ضعف وعجر خويبون، كما اتهم بعض العوائل الكردية الكبيرة التي كان زعماءها مؤسسين في خويبون، والتي تعيش على الحدود السورية التركية وسوقت نفسها كعوائل وطنية وتحمل الهمَّ القومي الكردي، بأنهم جواسيس للفرنسيين، يرسلون قطَّاع الطرق واللصوص من عشائرهم إلى داخل الأراضي التركية لغزو العشائر الكردية هناك وتقاسم الغنائم.[34] كما ينقل صبري شهادة إلياس ديركي الذي هاجر إلى سوريا سنة 1929م مع أبناء جميل قدري باشا، فيتحدث متنهداً عن واقع خويبون بالقول: “من لم يعرف رجال خويبون يعتقد أنهم من الرجال الوطنيين، لكن عندما يتعامل المرء معهم ويتعرف عليهم، يدرك تماماً أن هؤلاء الرجال هم أعداء الشعب الكردي”.[35]
ويضيف إلياس ديريكي في حديثه عن واقع الأكراد العام على الحدود آنذاك فيقول: “لقد دمَّرنَا بيتنا عندما تركنا أوطاننا وجئنا إلى هنا نصرف المال الحرام من النهب، يبعدنا الفرنسيون عن الحدود عندما لا ننفذ ما يطلب منا ويمنعونا عن التحرك. كنا ندفع أنفسنا للقتل ونبحث عن تدمير شعبنا الكردي، فليدمر الله بيوت من كان السبب”.[36]
وعلى المستوى الثقافي، يبدو أن المنظمة حققت نجاحات جيدة، وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها المثقفون القوميون الكرد داخل المنظمة، وخاصة أبناء بدرخان الذين استخدموا الأحرف اللاتينية منذ عام 1932م على اعتبار أن اللاتينة هي أكثر انسجاماً مع سياق الاحرف الصوتية الكردية، كما أن هذا الخيار بالنسبة لهم كان يساعدهم على التقرب أكثر من البلدان الغربية التي تستخدم اللاتينية. في هذا السياق وضع جلادت بدرخان كتاب الصرف وكتاب “نحو الكردية “، كما قام بتحرير المجلة الثنائية اللغة (الكردية الفرنسية) هاوار وملحقها روناهي. أما شقيقه كاميران فقد ساعد في البداية أيضا في مسألة تحريرهاوار، وصار فيما بعد مسؤولاً عن جريدة روزانو “اليوم الجديد” وملحقها ستير “النجمة”. وكاميران هو ايضاً صاحب ترجمة للقرآن إلى اللغة الكردية وقاموس كردي الماني، وكتب مدرسية كردية عديدة ومؤلفات بالفرنسية عن الأدب الكردي، وعمل أيضاً كمذيع في إذاعة الشرق في بيروت لبرنامج في فرنسا حيث كان يدير منذ عام 1947 كرسي اللغة الكردية في معهد اللغات الشرقية في باريس.
وفي هذا السياق، يمكن أن نشير الى أهم الشخصيات التي لعبت دوراً فاعلا في المنظمة وهي كالتالي:
جلادت بدرخان: (1893-1951)
هو ابن أمين عالي بدرخان (حفيد بدرخان باشا)، ولد في اسطنبول، ونشأ في العاصمة العثمانية ودرس في مدارسها الابتدائية والثانوية متنقلاً بين عدة ولايات عثمانية مرافقاً لوالده آنذاك،[37] وبعد الحكم عليه بالإعدام من قبل النظام الكمالي الجديد، توجه إلى بيروت حيث شارك في المؤتمر الاول لرابطة خويبون عام 1927م.
جلادت بدرخان
وعن علاقته بالفرنسيين يشير جوردي غورغس[38] بالقول: “لقد تحوّل مع أخيه كاميران لاتصالهما الدائم بالسلطات المنتدبة كمخبرين مميزين للفرنسيين”.[39] ابتعد جلادت بدرخان عن خويبون وعن السياسة، ليصبح أحد محركي الحركة الثقافية الكردية في سوريا. وأخيراً، وضع حادث حصل قرب منزله في دمشق عام 1951 حداً لحياته.
كاميران بدرخان: (1895-1978)
شقيق جلادت، ولد في اسطنبول،[40] وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، وكان مجازاً بالحقوق من جامعة إسطنبول. بات كاميران ممثلاً لخويبون في بيروت وصار فيما بعد المحرك الآخر للثقافة الكردية باللهجة الكرمانجية، وظل كاميران خلال السنين التي أمضاها في فرنسا مدافعاً عن القضية الكردية لدى الدول الغربية الكبرى.
سوريّا بدرخان: ( 1883-1938)
الشقيق الأكبر لجلادت، غادر نهائياً تركيا عام 1913م وأعاد إصدار جريدة كردستان خلال الحرب العالمية الأولى في القاهرة حتى عام 1917، وأنشأ ايضاً في القاهرة لجنة استقلال الكرد. وصل إلى سوريا عام 1927م ، وانضم لاحقاً إلى رابطة خويبون، وقد منع منذ عام 1930 من الإقامة على الاراضي الخاضعة للانتداب الفرنسي فاضطر إلى الذهاب إلى باريس حيث مثل رابطة خويبون.
ملا أحمد شوزي (1907- 1982)
اسمه أحمد عبد الرحمن شاهين آغا، ينسب إلى مسقط رأسه (قرية شوز) التابعة لولاية سرت التركية. بعد مقتل والده هرب إلى قرية باسرت عند خالته (زوجة الشيخ حسين والد الشيخ إبراهيم حقي)[41]، نزح مع عائلة الشيخ إبراهيم حقي إلى الموصل بعد اندلاع ثورة الشيخ سعيد، واستطاع ملا أحمد إكمال دراسته في بغداد في مدرسة رواس للعلوم الدينية، وشارك في مؤتمر خويبون. تنقل بين العراق وسوريا، وعاش في ديريك ثم استقر سنتين في قرية عابرة ثم سكن القامشلي سنة 1946م. [42]
ممدوح سليم وانلي (1897-1976)
(وانلي) نسبة إلى مسقط رأسه بلدة وان في تركيا، درس العلوم السياسية في اسطنبول. كان من أنصار استقلال كردستان وجمعية ترقي كردستان KTC، ولجأ بالتوالي إلى مصر، بيروت، أنطاكية حيث صار معلماً، ثم انتقل لدمشق، وأصبح ضمن رابطة خويبون التي ظل فيها حتى حلها. كان من أنصار اللغة الفرنسية، ويصفه الضباط الفرنسيون كرجل حازم ومستقيم وجدير بالثقة.[43] اعتزل مبكراً العمل السياسي، تزوج من شركسية وعاش في دمشق.[44]
إحسان نوري ( 1893-1976)
ولد في بدليس في تركيا الحالية، درس في الأكاديمية العسكرية الحربية في اسطنبول، صار قائداً في الجيش العثماني وأرسل إلى الجبهة الروسية لمقاتلة جند القيصر، تم اختياره من قبل خويبون لقيادة القوات المسلحة، فقاد انتفاضة آرارات، وأُنيط به مهام إدارة الحركة القومية الكردية في ديرسيم.[45] وقد لجأ إحسان نوري بعد هزيمة الانتفاضة إلى إيران، وبقي في طهران إلى تاريخ وفاته في سنة 1976م حيث قضى بعد أن دهسته دراجة في طهران[46].
فهمي الليجي (1887-1967)
الليجي او اللجي نسبة إلى مسقط رأسه بلدة ليجه جنوب شرق تركيا، واسمه الحقيقي فهمي بلال[47]. كان كاتباً للشيخ سعيد الكردي قائد الثورة سنة 1925 وقريباً منه، ثم اختار المنفى في سوريا هرباً من القمع الكمالي، وشارك في الأنشطة الأولى في رابطة خويبون. لكنه ابتعد عن خويبون بسبب التحالف الكردي الأرمني الذي دافع عنه آل بدرخان، وعبر الليجي عن مخاوفه في وقوع كردستان في يد الأرمن.[48]
حاجو آغا (1888-1940)
زعيم قبيلة الهفيركا في منطقة طور عابدين، تُظهر التقارير الفرنسية التعاون الذي كان قائماً بينه وبين السلطات التركية، إلى حد أن وضع الأتراك بعض العناصر العسكرية بزي مدني تحت تصرفه[49]. عند انطلاق ثورة الشيخ سعيد الكردي سنة 1925م كان حاجو آغا يقيم تحالفاً مع الكماليين الأتراك، لذلك لم يفتح جانباً للثورة، لكنه وفق بعض المصادر لم يشارك في قمعها كما فعلت القبائل الاخرى، فقاطعه الكماليون بعد بضعة أشهر وبدؤوا بدعم خصومه في القبيلة لانتزاع زعامتها منه.
اضطر إلى اللجوء إلى العراق بعد أن سمحت له السلطات البريطانية بذلك فانتقل ولاؤه إلى البريطانيين، لكن سرعان ما اشترطوا نزع سلاحه وأفراد قبيلته وإقامته ببغداد بعيداً عن المنطقة الكردية في العراق، فاستدار حاجو آغا بصحبة زعماء أكراد لاجئين ومنهم أمين آغا إلى السلطات الفرنسية في سوريا من جديد، و التي سمحت له أخيراً بالإقامة في سوريا، مقابل الرضوخ للأوامر التي تعطى له ولزعماء آخرين،[50] وأعطاه الفرنسيون بعد ذلك نظراً لموالاته أربع قرى منها قبور البيض (Kubre el Bid) – القحطانية لاحقاً. انضم حاجو آغا لخويبون الأمر الذي أدى إلى تعزيز سمعته كزعيم قومي في الجزيرة، وكان على علاقة متينة مع الإخوة بدرخان.
بوزان شاهين (1895-1968) ومصطفى شاهين (؟-1953)
زعيما قبيلة البرازي المقيمة تقليدياً في سهول أورفا، وقد انتخب مصطفى نائباً في البرلمان السوري، وانتسب الأخوان إلى خويبون حتى حلها.
الشيخ عبد الرحمن غاريزي (1869-1932)
ولد في غورجة في منطقة بوتان جنوب شرق تركيا. درس في اليمن قبل العودة إلى بلده، ولجأ إلى سوريا بسبب عدائه للإصلاحات العلمانية. انتسب الشيخ عبد الرحمن إلى خويبون وكلف بمهمات كثيرة في منطقة بوتان وهكّاري. كما أُرسل إلى أوروبا للدفاع عن القضية الكردية في مؤتمر التضامن مع الشعوب المقهورة سنة 1930، وبعد ستة أشهر عاد إلى دمشق حيث تعاون مع حزب الطاشناق الأرمني، وقتل نتيجة خيانة خلال مهمة في تركيا بحسب ما ينقل جوردي عن أحمد نامه.
أكرم جميل باشا (1891-1974)
ولد في ديار بكر في عائلة وجهاء، ودرس في اسطنبول وأكمل دراسته في أوروبا بين عامي 1912-1913، قبل أن يعود إلى اسطنبول، حيث أسس مع طلاب كرد آخرين الهيفي. بعد الحرب العالمية الأولى عاد إلى ديار بكر وصار عضواً مؤسساً في الجمعية الكردية ترقي. انتسب في ديار بكر إلى لجنة أزادي، واختار اللجوء إلى سوريا عام 1929 برفقة ثلاثة من أبناء عمومته : قدري، محمد، بدري جميل باشا، ووصل أخوه مقداد إلى سوريا بعدهم بفترة وجيزة، وانتسب أكرم إلى رابطة خويبون وأصبح أميناً عامأً لها بين عامي 1939-1944.
قدري جميل باشا (1892-1973)
ولد في ديار بكر، ودرس أيضاً في اسطنبول، ، صار بعد الحرب عضواً في الجمعية الكردية ترقي KTC، وبعد نفيه إلى سوريا أصبح عضواً في رابطة خويبون وأميناً عاماً لها بين عامي 1934-1939.
عثمان صبري (1905-1993)
ولد في قرية نارين في اقليم اديمان في تركيا، وهو أحد أبناء زعيم قبيلة المرداس، لجأ إلى سوريا عام 1929، حيث اتصل بقادة رابطة خويبون، وقاد ما بين عامي 1930-1932 العديد من الحملات العسكرية على تركيا. وأوصمان (أو عثمان) صبري واحد من ثلاثة اشخاص أسسوا أول حزب كردي في سوريا، تزعم الحزب الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا سنة 1965، واتخذ في أواخر حياته موقفاً مؤيداً لأوجلان ضدّ مسعود البرزاني.[51]
أحمد نافذ يوسف زازا (1902-1966)
اسمه مركب (احمد نافذ) وهو ابن الملا يوسف زازا. أصله من مدينة معدن (مادن) التركية، درس فيها ثم في ديار بكر، وأنهى دراسة الطب في إسطنبول. اختار اللجوء إلى سوريا سنة 1930، بعد مناقشات طويلة مع صديقيه عارف عبّاس و شوكي زلفت اللذان أغرتهما فكرة اللجوء إلى سوريا أيضاً، فتمكنوا سنة 1930م من الوصول إلى حلب، وطلبوا حق اللجوء[52]. عمل طبيباً في دمشق حيث اتصل مع أعضاء خويبون، ثم استوطن عين ديوار بعد أن تم تعيينه فيها طبيباً شرعياً.
نور الدين يوسف زازا (1919-1989)
شقيق أحمد نافذ الاصغر، كان عمره عشر سنوات فقط عندما لجأ مع شقيقه أحمد نافذ عام 1930. التحق بمدرسة داخلية في حلب، ولم يلبث أن انتقل مع شقيقه إلى دمشق، متجهين بادئ الأمر إلى حي الأكراد إلى منزل علي آغا زلفو. وكان حي الأكراد حينها ينقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث اللغة كما يصف زازا، قسم يتحدث الكردية ومليء بالمنفيين القادمين من تركيا، وقسم تختلط فيه اللغتان، وقسم نسي سكانه لغتهم ولم يعرفوا إلا العربية.[53] انخرط نور الدين في العمل السياسي خلال الحرب العالمية الثانية، وعمل عام 1946 مساعداً لكرمان بدرخان في إذاعة برنامج اللغة الكردية من راديو الشرق في بيروت، وصار فيما بعد أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا عام 1957، ثم اختار المنفى في سويسرا وتوفي فيها.
عارف عباس (1900-1984)
من مدينة معدن (مادن) ومن وسط ميسور، وهو والد الدكتور دارا عارف. درس في اسطنبول منذ العاشرة من عمره وتابع تعليمه في المعهد الزراعي وعين مديراً للزراعة في ديار بكر، وفي سنة 1930 اختار المنفى في سوريا. وقد وجد عارف عباس عملاً في الجزيرة (الحسكة) بصفة اختصاصي في مكافحة الجراد،[54] وانتسب في سوريا إلى رابطة خويبون، وفي عام 1936 قررت السلطات الفرنسية بضغط من تركيا نقله إلى تدمر.
شوكت زلفي (1899-؟)
أصله من معدن أيضاً، عُيَّنَ استاذاً في ديار بكر لمدة 6 سنوات، وعاد إلى معدن، لكنه نقل إلى أضنة. لجأ إلى سوريا عام 1930 مع نافذ وعباس، عمل مترجماً في عين ديوار في خدمة الأجهزة الخاصة الفرنسية، وعاد إلى دمشق بعد تسريحه عام 1932 لمدة سنة ونصف. وشغل شوكت زلفي منصب سكرتير المؤسسة الخيرية الكردية في الجزيرة، وهي مؤسسة ارتبطت بخويبون. ثم منصب سكرتير لبلدية عين ديوار.
جكر خوين (1903-1984)
كان يعرف باسمه : شيخموس حسن (ملا شيخموس) ولد في قرية هزار بمنطقة ماردين من عائلة فقيرة وأقام في عامودا. ظل بدون تعليم حتى سن الثامنة عشرة، ثم بدأ دراسة دينية في حجرة عبيد الله سيدا القادم من هيزان. انضم إلى خويبون وكان يعتبر متطرفاً مثل عثمان صبري في علاقته مع الآغوات الأكراد، وأخذ يعبّر عن الامل بإصلاحات اجتماعية لمصلحة الشعب في مواجهة الأقوياء في المجتمع الكردي التقليدي. كان عضواً في منظمة الحزب الشيوعي، قبل أن تحدث خلافات في المنظمة انسحب على أثرها بعد رفاقه وشكلوا حزب آزادي (الحرية) في آواخر 1957م. نجح الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا بإقناعهم بحل الحزب وانضمامهم لصفوفهم، وهذا ماحصل بعد بضعة أشهر.[55]
تطور الخطاب الكردي 1949- 1957
حتى بداية تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا، لم تكن هناك أي إشارة لأي طموح سياسي كردي في سوريا. ورغم تطور الخطاب الكردي في الخمسينات، فان الأكراد الذين اضطروا للهروب باتجاه سوريا بعد عام 1925م بقوا في نظر عشائرهم بوصفهم يعيشون خارج وطنهم كردستان، الأمر الذي يشير اليه صبري في روايته عن هجرة عشيرته بعد غدر حلفائها بها.[56] بالإضافة لذلك، فإن القوميين من الرعيل الأول الكردي ظلوا يقطعون العهود على أنفسهم بأن ثورتهم لا تنتهي إلا بطرد جميع الأتراك من جنود وموظفين من أراضي كردستان العزيزة الطاهرة، أو بإطلاق آخر رصاصة في كردستان، أي باستشهاد آخر مجاهد كردي على حد تعبير جلادت بدرخان.[57]
ولذلك فان الحركة السياسية والثقافية الكردية في سوريا لم تكن تنظر أبداً إلى الأكراد المتواجدين على الأراضي السورية بأنهم جزء مما بات يعرف بكردستان الكبرى كما بات يتجه الخطاب الكردي لاحقاً، ولعل ما يؤكد ذلك هو التقرير الصادر عن جمعية خويبون حول سكان كردستان المنشور في باريس سنة 1948م، حيث يشير التقرير الى أكراد سوريا والاتحاد السوفيتي بوصفهم أكراد يعيشون خارج كردستان.[58]
مع ذلك، فان الخطاب الكردي سيشهد تطوراً مع نهاية الأربعينات. فالبنود التي وضعتها خويبون حول احترام سيادة العراق وإيران وبناء علاقات أخوية مع حكومتيها، وعدم وجود مطلب سياسي لها في العراق، يبدو أنها بدأت تتلاشى مع تفجّر مفاجآت جديدة في المنطقة. اذ أعلن القاضي محمد في 22 كانون الثاني 1946م عن إنشاء جمهورية كردية في مهاباد – إيران- [59]، وتم تعيين مصطفى البرزاني إضافة إلى ثلاثة زعماء محليين آخرين برتبة مارشال لقوات مهاباد[60]، وبالتالي اتسعت جبهة نضال الأكراد لتشمل بلدين آخرين إضافة إلى تركيا التي كانت البلد الوحيد الذي تهيمن على كردستان وفق المفهوم الكردي آنذاك.
يظهر ذلك التطور في خطاب كاميران بدرخان أحد أبرز رموز (خويبون)، وابن العائلة التي أقامت حكومة شبه ذاتية في جزيرة ابن عمر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ففي محاضرته التي حملت عنوان “المشكلة الكردية” أمام الجمعية الملكية الآسيوية بلندن في 6- تموز – 1949م، يذكر نتيجة مفادها: “استولت على الشعب الكردي ثلاث دول، لذلك انقسمت كردستان بين هذه الدول الثلاث وهي إيران وتركيا والعراق”[61].
كذلك نجد رأي نور الدين الديرسمي (وهو شخصية قيادية كردية معروفة آنذاك) الذي يستعرض القضية الكردية بشرح مطول منشور عبر جريدة الحرية في عددها العاشر لسنة 1957م فيقول: ” لقد قسمت الأطماع الغاشمة كردستان إلى ثلاثة أجزاء، كان أولها من حصة تركيا، والقسم الثاني من حصة إيران، والقسم الثالث ضمن حدود الدولة العراقية”[62].
مع ذلك، ستبقى سوريا بعيداً عن أي طموح أو مطالب كردية لفترة طويلة قبل أن تنضم لقائمة الدول التي باتت وفق المخيال الكردي ضمن الدول التي “تغتصب” أرض كردستان، كما سيمر معنا.
تأسيس أول حزب كردي في سوريا 1956م
هناك عدة روايات متداخلة حول تاريخ تأسيس أول حزب كردي، ونواته الحقيقية، ومؤسسيه الفعليين. وعلى الرغم من أن التصوّر السائد في الشارع الكردي بأن عام 1957م هو عام ميلاد أول حزب كردي في سوريا، إلا أن بعض المعطيات تشير إلى أن فكرة إنشاء أول حزب كردي كانت قد انطلقت سنة 1956م، وهذا ما يؤكده أوصمان صبري في مقابلة له في نشرة أرمانج سنة 1984م.[63] وقد تطورت نواته وتوسعت، لتعلن عن انطلاقته في عام 1957م كما سيمر معنا. وتتوافق معظم المصادر والشهادات والوثائق على أن عثمان صبري (أوصمان) الذي لجأ سنة 1930 لسوريا هو صاحب مبادرة تأسيس أول حزب كردي في سوريا سنة 1956م[64]. وذلك امتداداً لتأسيسه في عام 1955م ((جمعية إحياء الثقافة الكردية))[65].
تم اختيار نور الدين زازا الذي لم يكن يعرف حرفاً عربياً حين لجأ إلى سوريا سنة 1930م وفق ماجاء في مذكراته[66]، رئيساً للحزب الكردي الجديد في سوريا سنة 1958م. غير أن عبد الحميد درويش يشير إلى أن نور الدين زازا انضم للحزب في بداية 1958م، واختارته اللجنة المركزية التي كانت قائمة قبله رئيساً للحزب[67].
في نفس السياق، يعرض الكاتب الكردي هوشنك أوسي معلومات أخرى عن تاسيس أول حزب، ويربطها بالعلاقات الجيدة التي كانت تربط الملا مصطفى البرزاني بالقوميين العرب من ناصريين وبعثيين، والذين رحبوا بإنشاء حزب كردي لمواجهة نوري السعيد وحلف بغداد، بشرط ألا يهتم الحزب بكرد سوريا، بل يكون نشاطه موجهاً لإثارة القلاقل في تركيا[68].
من جانب آخر، يشير صلاح بدر الدين (السياسي والكاتب الكردي)، أنه بالإضافة إلى اعتبار خويبون تشكل المنظمة – الأم- للحركات السياسية الكردية، فأن أكراد سوريا استفادوا من أسبقية تجربة أكراد إيران والعراق في تشكيل حزبيهم، والتأثير المتزايد في حركات البرزاني الخالد – على حد تعبيره- وتصاعد وهج الفكرالقومي لديهم. [69] وكذلك يشير محمد نيو من الرعيل الأول إلى الميول الاشتراكية أيضاً في برنامج الحزب الكردي الأول منذ بدء تأسيسه ويتفق بذلك مع صلاح بدر الدين.[70]
عبد الحميد درويش الذي سيمثل الجناح اليميني للحزب بعد انشقاقه في الستينات، يذكر بأنه كان أحد ثلاثة مؤسسين فقط للحزب في أواسط سنة 1956م برفقة عثمان صبري وحمزة نويران، وأن نور الدين زازا كان مؤيداً لتأسيس مثل هذا التنظيم.[71] ويشير درويش القريب من جناح الطالباني في العراق، بأن التسمية التي اتفقوا عليها حول اسم الحزب كانت: حزب الأكراد الديمقراطيين السوريين. وأن بين من ساعدهم في تأسيس أول حزب كردي السيد جلال الطالباني، الذي تواجد في سوريا آنذاك بسبب ملاحقته من قبل الحكم الملكي في العراق.[72] بعد أن كان قد أخذ ضوءاً أخضر من المسؤول الأمني البارز عبد الحميد السراج للاتصال بالنخب الكردية السورية آنذاك.[73] مع مرحلة الستينيات والسبعينيات، أخذت الساحة السياسية الكردية في سوريا، تشهد توزعا وانشطارات سياسية جديدة، وذلك على الرغم من أن معظمها أبقى على برامجه السياسية وشعاراته كما هي بعد الانشقاق، بل حتى أسماء الأحزاب كانت متشابهة ومتطابقة في كثير من الأحياء، لا يتغير فيها سوى اسم رئيس الحزب الجديد (المنشق). وسنتناول مرحلة الانشقاقات في الحركة الكردية في بحث مستقل نظراً لأهمية الملف وتشعبه.
خُلاصة
لعل مراجعة الحركة السياسية الكردية، والعاملين عليها منذ بداياتها في سوريا، تُظهر بأن الرعيل الأول لهذه الحركة كانوا يمثلون النخبة الثقافية والسياسية والاجتماعية لما يمكن أن نسميه (أكراد المنفى)، وذلك بعد سلسلة ثورات قام بها الأكراد في تركيا منيت بالفشل لأسباب متعددة، أهمها ضعف الجبهة الداخلية الكردية، والانقسامات في المجتمع الكردي وبشكل خاص في عصر الزعامات القبيلة، وتمكن الأتراك غالباً من جذب بعض القبائل الكردية إليهم واستخدامهم لضرب الأكراد الثائرين، تماماً كما حدث بين الأتراك وكور حيسن باشا رئيس عشيرة حيدران الكردية الذي ساهم بقمع ثورة الشيخ سعيد، وكان متهماً بالخيانة والتعاون مع العدو [74].
يعاني الخطاب السياسي الكردي من الضبابية وعدم الوضوح، وشهد في كل مراحله تذبذباً وانقساماً، فقد كان الخطاب الكردي يستثني سوريا من مجال الطموح القومي للأكراد، كونهم اعتبروا سوريا ملجأً آمناً لهم وقاعدة لانطلاق نضالهم تجاه المناطق الكردية التي فرض الأتراك السيطرة عليها. وبدأت تلك المعطيات تتغير مع ظهور الجيل الثاني والثالث، خاصة بعد انتعاش الحركة الكردية في المجال العربي وبشكل خاص في العراق، وشهد الخطاب الكردي في سوريا تطوراً واضحاً في إطار المطالب القومية المتصاعدة، بدءا من عام 2004م بعد الغزو الأمريكي للعراق، ليبلغ الخطاب القومي الكردي ذروته في سوريا بعد اندلاع الثورة السوريّة حيث بات أكثر حديةً في طرح مشروع قومي كردي في سوريا وفق تعريف المسألة الكردية في سوريا بأنها [ قضيّة أرض وشعب]
المراجع:
[1] وديع جويده، الحركة القومية الكردية، نشأتها وتطورها، قدم له مارتن برونسن، مجموعة مترجمين، الفارابي، (بيروت 2013)، ص 352
[2] ديفيد مكدول، تاريخ الأكراد الحديث، ترجمة راج آل محمد، دار الفارابي، (بيروت 2004) ، ص 318
[3] جوردي غورغاس، الحركة الكردية التركية في المنفى، ترجمة جورج البطل، دار آراس ( أربيل 2013)، ص 147
[4] وديع جويده، المصدر السابق، ص 352
[5] د. بله ج شيركوه، القضية الكردية، ماضي الكرد وحاضرهم، جمعية خويبون الكردية الوطنية، النشرة الخامسة، ص 113
[6] هو الشيخ سعيد بن محمود بن علي (البالوي) قضاء بالو بولاية لازغ، ولد سنة 1865، وكان أحد مشايخ الطريقة النقشبندية.
[7] جوردي غورغاس، المصدر السابق، ص 206
[8] Bruinessen, Martin, Agha, Shaikh and State, The Social and Political Structures of Kurdistan. 1992, Zed books ltd، London & New jersey. P. 296-297
[9] عثمان علي، الحركة الكردية المعاصرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2 ، (فرجينييا 2008) ، ص 556
[10] المصدر السابق ص 557.
[11] المفوضية العليا للجمهورية الفرنسية في سورية ولبنان ، إدارة المخابرات ، بيروت ، (وارد) هيئة الأركان العامة- قسم الدراسات
رقم 988 .تاريخ 16 أذار1925، راجع الرابط.
[12][12] د. ابراهيم الداقوقي، أكراد تركيا، دار المدى للثقافة والنشر، ( دمشق 2003)، ص 195
[13] د. بله ج شيركوه، القضية الكردية، ماضي الكرد وحاضرهم، جمعية خويبون الكردية الوطنية، النشرة الخامسة، ص 95
[14] المصدر السابق
[15] أرشاك سافراستيان، الكرد وكردستان ، لندن 1948، ترجمة الدكتور أحمد خليل، مؤسسة سما للثقافة الكردية 2007، ص 169
[16] جوردي غورغاس، المصدر السابق، ص 62
[17] جوردي غورغاس، المصدر السابق ص 65
[18] الأسرة البدرخانية، نشاطها السياسي والثقافي، ص 150
[19] د. صلاح محمد سليم هروي، الأسرة البدرخانية، نشاطها السياسي والثقافي، الدار العربية للموسوعات، ط1 ( بيروت 2006) ، ص 116.
[20] المصدر السابق، ص 116
[21] المصدر السابق ، ص 147
[22] هوكر طاهر توفيق، الكرد والمسألة الأرمنية، دار آراس، ط1، ( أربيل 2012)، ص 314
[23] جوردي غورغس، المصدر السابق، ص 148
[24] جوردي غورغس باحث متخصص في التاريخ الحديث وعلم الاجتماع و محاضر في جامعة فريبورغ وجامعة نيوشاتل وعامل في مؤسسة العلوم الوطنية السويسرية على ابحاث تختص بالأقليات في الشرق الأوسط.
[25] المصدر السابق
[26] د. بله ج شيركوه، القضية الكردية، ماضي الكرد وحاضرهم، جمعية خويبون الكردية الوطنية، النشرة الخامسة، ص 108
[27] كريم افندي من اكراد العراق
[28] ملا أحمد عبد الرحمن شاهين آغا، يلقب بـ (ملا احمد شوزي)، ولد سنة 1907م في قرية شوز التابعة لولاية سرت في تركيا،
[29] مذكرات ملا احمد شوزي، راجع مجلة القلم الجديد الصادرة عن رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، العدد 8، كانون الثاني/ يناير 2013.
[30] راجع مذكرات نور الدين زازا (حياتي ككردي)، ومذكرات اوصمان صبري، وفي سبيل كردستان لزنار سلوبي.
[31] جوردي غورغاس، ص 302
[32] المصدر السابق
[33] جوردي غورغاس، المصدر السابق
[34] جوردي غورغاس، المصدر السابق،ص 108
[35] المصدر السابق 108-109
[36] المصدر السابق 108
[37] الأسرة البدرخانية، المصدر السابق ص 84
[38] جوردي غورغاس، المصدر السابق، ص 155
[39] جوردي غورغاس، المصدر السابق، ص 155
[40] الأسرة البدرخانية، نشاطها السياسي والثقافي، ص 82
[41] مجلة القلم الجديد، العدد 8 ، كانون الثاني ، 2013، الذكرى الثلاثون لرحيل ملا احمد شوزي، ص 12
[42] المصدر السابق
[43] غورغسي، نقلاً عن وثيقة فرنسية صادرة من دمشق في 29 سبتمبر 1927 تحمل الرقم 571 .
[44] نور الدين زازا، حياتي ككوردي، ص 231
[45] مذكرات إحسان نوري باشا، ترجمة عبد الستار قاسم كلهور، مؤسسة موكرياني للبحوث والنشر، ط1 ( دهوك 2008)، ص 22
[46] المصدر السابق، ص 88
[47] محمود محمود، الصراع الكردي – الكردي ، رؤية أدبية عبر ترجمة فصل من رواية الفيلسوف، الحوار المتمدن، العدد 1682، 23 ايلول 2006.
[48] Zinar Shiro, (Neteweperwer û xebatkarê kurd: Fehmiyê Licî), Armanc newspeaper issued by the Demokratic Union of Kurdish worker, N 71, April 1987
[49] برقية مرسلة من الجنرال القائد المؤقت للفرقة الثانية إلى الجنرال المفوض السامي، إدارة المخابرات والمكتب العسكري، وارد سكرتارية المفوضية في 3 ايلول برقم 1615، دولة حلب 30 آب 1923. راجع الرابط.
[50] جوردي غورغاس، المصدر السابق، ص 84
[51] صلاح بدر الدين، ص 56
[52] نور الدين زازا، حياتي ككوردي، ترجمة خسروا بوتاني، ص 73
[53] نور الدين زازا، المصدر السابق، ص 89-90
[54] نور لدين زازا، المصدر السابق، ص 93
[55] عبد الحميد درويش، اضواء على الحركة الكردية في سورية، ص 23
[56] أوصمان صبري، ص 24
[57] د. بله ج شيركوه، القضية الكردية، ماضي الكرد وحاضرهم، جمعية خويبون الكردية الوطنية، النشرة الخامسة، برعاية رابطة كاوا الثقافية، دار الكتاب ، ط1، ( بيروت 1986)، ص 123
[58] الدكتور شاكر خاصباك، الأكراد، دراسة جغرافية اثنوغرافية، الدار العربية للموسوعات، ط1، (بيروت 2005)، ص 519
[59] ديفيد مكدول، تاريخ الأكراد الحديث، ص 374
[60] المصدر السابق
[61] البدرخانيون في جزيرة بوطان – ماليميسانز- وثائق جمعية العائلة البدرخانية – ترجمة كولبهار بدرخان – مطبعة اميرال ، لبنان- بيروت صفحة 193.
[62] نشرت في مجلة الحرية في العدد 10، تاريخ 21 آيار سنة 1957، وفي جريدة الوعي العربي في العدد 96 في 23 تموز 1957، راجع: من أدب القضية، وثائق، دولار زنكي وأحمد شهاب، ط1 ، طبعة خاصة، (ألمانيا 2011) ، ص 67.
[63] نشرة أرمانج، العدد الرابع، تشرين الثاني، 1984م، مقابلة مع عثمان صبري
[64] عبد الحميد درويش، ندوة في القامشلي بتاريخ 3 تموز 2007 ، منشورة في جريدة التقدمي، جريدة نصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، العدد 503، أوائل آب 2007م. ومنشورة عبر ولاتي مه: راجع الرابط.
[65] عبد الحميد درويش، أضواء على الحركة الكردية في سوريا، ص 13
[66] نورد الدين زازا، المصدر السابق، ص 85
[67] عبد الحميد درويش، إضاءة على الحركة الكردية في سوريا، ص 21
[68] هوشنك أوسي، صحيفة العرب اللندنية، عبد الحميد درويش طالباني سوريا واللحظة الكردية بين المحاور المتصارعة، 20 فبراير 2016، العدد 10191، ص 13.
[69] صلاح بدر الدين، الحركة القومية الكردية في سورية، 25-26
[70] مجلة الحوار الثقافية الكردية، السنة 15، العددان 60-61، سنة 2008، ص 27
[71] عبد الحميد درويش، أضواء على الحركة الكردية في سوريا، ص 14
[72] عبد الحميد درويش ، المصدر السابق.
[73] هوشنك أوسي، صحيفة العرب، عبد الحميد درويش طالباني سوريا واللحظة الكردية بين المحاور المتصارعة، 20 فبراير 2016، العدد 10191، ص 13.
[74] مذكرات إحسان نوري باشا، ترجمة عبد الستار قاسم كلهور، مؤسسة موكرياني للبحوث والنشر، ط1، ( دهوك 2008)، ص 48