كريم خـان زند موسس الدولة الزندية الكوردية
كريم خـان زَنْد مؤسّس الدولة الزَّنْدية الكوردية
( 1715 – 1779م )
في عام (1750 م)، ونتيجة لتفاقم الصراع على السلطة في فارس، أعلن علي مراد خان، زعيم قبائل بَخْتياري (فرع من الكورد)، نفسه وصياً على عرش بلاد فارس، وتحالف معه كريم خان، فحاربا معاً الغزاةَ الأفغان، وحققا الانتصار عليهم، وكان علي مراد خان ظالماً محبّاً لسفك الدماء، في حين كان كريم خان محبّاً للعدل والإنصاف، لذلك اختلفا، ودبّت الخصومة بينهما.
ثم قُتل علي مراد خان، ودخلت بلاد فارس تحت نفوذ كريم خان، وأقام الدولة الزَّندية سنة (1163 هـ = 1750 م)، واتخذ مدينة شيراز – في جنوبي إيران حالياً-عاصمةً لدولته، وهي المنطقة التي نشأت فيها السلالات الأخمينية والساسانية قديماً، وحارب كريم خـان منافسيه، وألحق بهم الهزيمة بدعم من قومه اللُّر (اللُّور) المخلصين، وبدعم من عشائر بَخْتياري، ومن بعض الخيالة العرب.
وبقي لكريم خان خصمان لدودان هما أسد خان الأفغاني، ومحمد حسين خان قاجاري، وقد اشتبك كريم خان مع أسد خان في عدّة معارك، ثم انتصر عليه، واضطره إلى الاستسلام، وبعد مدة استرحمه أسد خان، فعفا عنه كريم خان، وسمح له بالسكن في العاصمة شيراز، وعامله باحترام وأَرْيَحية.
وانتصر كريم خان على محمد حسين قاجاري أيضاً، وصفا له حكم بلاد فارس، وسار إلى أَصْفَهان (أصبهان) التي كانت تحت سلطة محمد حسين قاجاري، ففتحها سنة (1170 هـ)، وبسط نفوذه على المناطق المجاورة، بما فيها كوردستان الجنوبية (إقليم كوردسنان الحالي)، والذي يسمّى في المصادر العربية “عِراق العجم”، ثم وجّه كريم خان جيشاً بقيادة علي خان زندي إلى مازَنْدَران لتأديب محمد حسين قاجاري الذي كان قد تحصّن هناك، ووقع هذا الأخير في قبضة الجيش الزَّندي.
كريم خان زند
وبعد السيطرة على مازَنْدران، سيطر كريم خان على القسم الأكبر من أذربيجان، وثارت عليه قبائل أَفْشار التركمانية بقيادة رئيسها فَتْح علي خان، لكنه فتح خان هُزم، وطلب العفو من كريم خان سنة (1174 هـ = 1760م).
وبعد قضاء كريم خان على خصومه الألدّاء، مرّت سنوات من الهدوء والسلم في الدولة الزَّندية، سوى بعض القلاقل المحدودة، وكان يلاحظ بقلق قسوةَ وبطش أخيه غير الشقيق (زكي خان)، ولم يكن راضياً عن سيرته، وثار عليه هذا الأخير، وهرب إلى لُرّستان، لكنه عاد وطلب الصفح من كريم خان فعفا عنه، وظهرت ثورة في دامْغان ومازَنْدِران، لكنه قضى عليها، وأعاد المنطقتين إلى دائرة نفوذه.
وساد السلام والرخاء في بلاد فارس طوال حكم كريم خان حوالي عشرين عاماً، ولم يغتصب كريم خان العرش كما فعل نادر شاه، وإنما نصب نفسه بصفة (وكيل الشاه)، وكان الشاه حينذاك هو (الشاه إسماعيل)، وكان صبياً صغيراً.
وقد توتّرت العلاقات بين كريم خان وحكومة بغداد التابعة للدولة العثمانية، فجهّز جيشاً بقيادة أخيه صادق خان، ووجّهه إلى البصرة، فشيّد صادق خان بسرعة جسراً طافياً، وعبر الجيش الزندي عليه إلى البصرة في شتاء سنة (1189 هـ = 1775 م)، وبعد ثلاثة عشر شهراً استسلمت قلعة البصرة سنة (1190 م) للجيش الزَّندي.
(الخريطة مقتبسة من كتاب الكرد، للدكتور مِهرداد إيزادي)
وأصيب كريم خان في أواخر عمره بداء السِّل، وتوفّي في شيراز سنة (1193 هـ = 1779م) عن عمر يناهز الثمانين سنة، بعد أن حكم ثمانية وعشرين سنة ، قضى العشرين سنة الأخيرة منها في هدوء.
قال المؤرخ الأمريكي وِل ديورانت في كتابه “قصة الحضارة، ج41، ص 21″:
” وخرج كريم خان منتصراً من الصراع، وأسّس الأسرة الزندية (1750) التي احتفظت بسلطانها حتى 1794. واختار كريم شيراز عاصمةً لمُلكه، وزيّنها بالمباني الجميلة، وساد جنوبي فارس تسعة وعشرين عاماً من نظام وسلام لا بأس بهما. فلمّا مات جعل التطاحن على السلطة يتّخذ من جديد صورة الحرب الأهلية، وعادت الفوضى تضرب أطنابها من جديد”.
د. أحمد خليل