تاريخيزعيم كوردي

🏰 ميرى ميران إبراهيم باشا المللي (1843 – 1908م)

الزعيم الكردي الذي دوّى اسمه في الشرق العثماني

🏰 ميرى ميران إبراهيم باشا المللي (1843 – 1908م)

🏰 ميرى ميران إبراهيم باشا المللي (1843 – 1908م)

الزعيم الكردي الذي دوّى اسمه في الشرق العثماني

🗡️ مقدّمة:

يُعدّ ميرى ميران إبراهيم باشا المللي أحد أبرز الزعماء الكرد في أواخر القرن التاسع عشر، وواحدًا من الرموز التي شكّلت ملامح التاريخ السياسي والعشائري في شمال ميزوبوتاميا. كان قائدًا قبليًا محنّكًا، جمع بين الشجاعة العسكرية والحكمة السياسية، واستطاع أن يفرض نفوذه على مناطق واسعة من الجزيرة الفراتية، بين ماردين، أورفة، وسروج، وديار بكر، وڤيران شهر، ضمن حدود الدولة العثمانية آنذاك.

⚔️ النشأة والانتماء:

وُلِد إبراهيم باشا بن عبد الله المللي سنة 1843م في منطقة ڤيران شهر (Viranşehir) الحالية في جنوب تركيا، ضمن عشيرة الملاّلية (المللية)، وهي من أكبر وأقوى العشائر الكردية التي كان لها تأثير كبير في شمال الجزيرة.
نشأ في بيئةٍ عشائريةٍ مقاتلة، وتربّى على قيم الفروسية والكرم والولاء للعشيرة، حتى تولّى زعامتها بعد وفاة والده، ليبدأ معها فصلٌ جديد من التاريخ الكردي العشائري.

🏇 صعوده السياسي والعسكري:

مع ضعف قبضة الدولة العثمانية على المناطق الشرقية، برز إبراهيم باشا كشخصية قوية استطاعت أن تفرض النظام وتؤمّن الطرق التجارية بين ديار بكر والرقة والموصل.
في عام 1890م، ولاءً منه للسلطان عبد الحميد الثاني، قاد قوات من العشائر الكردية ضمن قوات الحميدية (الفرسان الحميدية)، وهي تشكيلات عشائرية كردية سنّها السلطان العثماني للدفاع عن حدود الدولة ومواجهة الأخطار الروسية.

نال إبراهيم باشا لقب “الباشا” رسميًا من السلطان عبد الحميد تقديرًا لخدماته، وأصبح أحد أهم الزعماء الحميديين في تلك الفترة.

🏕️ نفوذه وقوته:

بلغ نفوذ إبراهيم باشا ذروته في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أصبحت ڤيران شهر مركزًا سياسيًا وعسكريًا له، وامتد سلطانه على عشرات العشائر الكردية والعربية.
عرف عنه حنكته في إدارة التحالفات، فكان يتعامل مع السلطة العثمانية بذكاء دون أن يسمح بتقويض سلطته المحلية، كما كان يحظى باحترام كبير بين زعماء القبائل في المنطقة.

وصفه الرحالة والمستشرقون الأوروبيون بأنه “أحد أقوى رجال الشرق العثماني”، إذ كان يملك آلاف المقاتلين والخيول والسلاح، ويُعرف بصرامته وعدله بين القبائل.

⚖️ علاقته بالدولة العثمانية:

على الرغم من ولائه الاسمي للسلطان عبد الحميد، فإن علاقة إبراهيم باشا بالباب العالي كانت متوترة في بعض الفترات.
اتهمه بعض الولاة العثمانيين بتوسيع نفوذه أكثر مما ينبغي، وبتجاوز سلطاته في جمع الضرائب وتجنيد المقاتلين.
إلا أن السلطان عبد الحميد كان يراه حليفًا مهمًا في مواجهة الحركات الانفصالية والأطماع الأجنبية، فغضّ الطرف عن تجاوزاته مرارًا.

إبراهيم-باشا-المللي-مع-فرسانه-.......-سنة-1885-عليه-رحمة-الله-تعالى.

📜 وفاته وإرثه:

توفي إبراهيم باشا المللي عام 1908م، في العام نفسه الذي اندلعت فيه ثورة الاتحاد والترقي وسقوط السلطان عبد الحميد الثاني عن الحكم.
بعد وفاته، تفككت أجزاء من سلطته، وتفرقت عشيرته بين سورية وتركيا والعراق، إلا أن ذكره بقي خالدًا في الذاكرة الكردية والعثمانية بوصفه زعيمًا قويًا وشخصية محورية في تاريخ المنطقة.

🌿 إرثه في الذاكرة الكردية:

ما زال اسم ميرى ميران إبراهيم باشا حاضرًا في التراث الشفوي الكردي، حيث تتناقل الأغاني الشعبية والقصص الملحمية بطولاته، خصوصًا في ڤيران شهر ومناطق الجزيرة الفراتية.
ويرى بعض المؤرخين أنه كان من أوائل من حاولوا بناء شكلٍ من السلطة الكردية شبه المستقلة ضمن الدولة العثمانية، قبل ظهور الحركات السياسية الكردية الحديثة في القرن العشرين.

📚 المصادر والمراجع:

1. David McDowall, A Modern History of the Kurds, I.B. Tauris, 2004.

2. Martin van Bruinessen, Agha, Shaikh and State: The Social and Political Structures of Kurdistan, Zed Books, 1992.

3. Wadie Jwaideh, The Kurdish National Movement: Its Origins and Development, Syracuse University Press, 2006.

4. Ismet Cheriff Vanly, The Kurds in the Middle East, London, 1980.

5. محمد أمين زكي, خلاصة تاريخ الكرد وكردستان من أقدم العصور حتى الآن, مطبعة كردستان، بغداد، 1931.

6. شرف خان البدليسي, شرفنامة – تاريخ أمراء الكرد, تحقيق محمد علي عوني، القاهرة، 1958.

7. وثائق الدولة العثمانية – الأرشيف العثماني في إسطنبول (BOA), سجل المراسلات الخاصة بالفرسان الحميدية 1890–1908.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى